قوافي

الشعر بين السرد والبلاغة … هاني الحارثي

من جماليات اللغة العربية إحتوائها على البلاغة والتي تعني إيصال المعنى إلى المتلقي بإيجاز ووضوح وهذا مافتقدناه كثيرا في شعرنا الشعبي الحديث. الشعر ماهو إلا لوحة فنية يعتمد جمالها على مدى جهد وحرص راسمها على إخراجها بشكل يضمن قبولها لدي المتلقي ورسوخ خطوطها في ذهنه لأجل غير معلوم.البعض يحرص على تنكيه قصيدته بجماليات البلاغة من جناس وطباق ومجاز وتشبيه و محسنات بديعية وهذا كالرسام الذي لاتشعر بالملل عند إعادة النظر في لوحته الفنيه فكل زاوية من زواياها تأخذك لرحلة خيالية لاتود إنقضائها .والبعض الأخر يكتفي بالسرد الموزون المُقفى ليخرج بقصيدة أشبه بلوحة مجهولة المعالم.
مقتطفات شعرية:
الحنظلة لوهي على شاطي النيل
زادت مرارتها القديمة مراره

الشاعر عبدالله بن لويحان رحمه الله شبه صاحب الطبع السئ بالحنظله فكما ان صاحب الطبع السي يصعب تغيير طبعه يصعب إزالة مرارة الحنظله ولو شربت من الماء العذب.

المـطـوع لــو يـشـوف خـديــد ســـاره
طـبــق المـصـحـف وعـجــل بـالـصـلاتي

الشاعر محمد ابن حصيص رحمه الله اوصل فكرته بإيجاز وبلاغه فلم يطيل في وصف جمال سارة واكتفى بأن المطوع والذي يُعرف بين الناس بالصلاح والتقوى لو نظر لخدها سارع بإغلاق المصحف والإستعجال بالصلاة إشارة إلى إرتباكه وخروجه عن المألوف لجمال ماراء.

يمنا بلا يسرى تراها ضعيفه
ورجل بلا ربعه على الغبن صبار

الشاعر عبدالله بن سجوان الرويس العتيبي رحمه الله أحسن تصوير أهمية التعاون بين الناس وحاجة الإنسان لمساعدة من حوله فاليد اليمنى ضعيفه لولا وجود اليسرى والرجل بلا عون عشيرته يضطر للصبر على المنغصات فالكثرة تغلب الشجاعه كما يقال.

الأرض أنا وأنتِ غديتي لي الشمس
ما أطيق بعدك .. وأحترق لا قربتي

الشاعر طلال الرشيد رحمه الله ابدع في صياغة هذا البيت بإيجاز لحيرته في علاقته مع من يُحب فالبعد والقرب كلاهما مُتعب، فشبه نفسه بالارض ومن يحب بالشمس الساطعه والمنيره لتلك الأرض فبعد الشمس عن الأرض لايُطاق وقربها يسبب الإحتراق.

كانت عيونك في حياتي عقيده
دافعت بأشواق المحبين عنها

المبدع فهد عافت أراد إيضاح مدى دفاعه عن من يحب وكفى المستمع عناء البحث عن مدى ذلك الدفاع بتشبيهه بدفاع المؤمن عن عقيدته والا أوجب والا أعظم من ذلك الدفاع.

واللي يمن بجميله بعد ما يعطي
مثل المطر في البحر ما يترك عذوبه

صور الشاعر عبدالله عبيان اليامي المن بعد العطاء بالمطر في البحر فكلاهما تذهب لذته وعذوبته فالمطر عذب إلى إختلاط قطراته بالبحر ، والعطاء يظل لصاحبه التقدير إلى أن يلحقه عطائه بالمن.

من حصد زرعه قبل موسم حصاده
ماجنى غير التعب والزرع توه

ابدع الشاعر صالح بن خلف السكيبي في إصطحاب القاري والمستمع في رحلة خيال لاتُمل فمن يحصد الزرع قبل موسمه لن يجني إلا تعبه في زراعته وهنا إشارة إلا إستحسان الصبر والتروي والبعد عن الإستعجال في كثير من الأمور.

خاتمه:
الشاعر الجاهلي زهير بن ابي سلمى وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء “امرؤ القيس – وزهير بن أبي سلمى – النابغة الذبياني” كان يستغرق في كتابة قصيدته وتنقيحها عام كامل للخروج بما يليق بالشعر والمتلقي. فلا حرج في تروي الشاعر في صياغة قصيدته وتنكيهها بجماليات البلاغه فضلا عن الخروج بالسرد الموزون المقفى .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى