قراءة في كتاب ( موسوعة 2000 س ج الإعلام السعودي ) … لمؤلفه الدكتور / جاسم بن محمد الياقوت ، عرض / أحمد صالح حلبي .

اعتدت في كل عام قضاء إجازة نصف العام الدراسي بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية ، حيث ضفاف الخليج العربي الهادي بموجاته ، الجميل  بمائه ، الوفي برجاله وأصالتهم .  

وفي رحلتي الأخيرة هذا العام 2020 حرصت على أن تكون زيارتي حاملة مسارين أحدهما عائلي ، والآخر اجتماعي ،  فسعدت بزيارة عدد من الإخوة والاصدقاء من الرياضيين والاعلاميين ، وكان من أبرزهم الدكتور جاسم الياقوت ، مدير عام فرع وزارة الثقافة والإعلام بالمنطقة الشرقية ـ سابقا ـ ، ورئيس نادي القادسية الرياضي ـ سابقا ـ ، والذي التقيت به لأول مرة عام 1426 هــ أثناء انعقاد مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي الثالث بمكة المكرمة ، وكان يتولى إدارة المركز الإعلامي للمؤتمر ، ووجدت فيه شخصية حريصة على خدمة الاعلاميين و تلبية احتياجاتهم ، وظلت علاقتي متواصلة به طوال عملي بالصحافة ولم تنقطع حتى بعد تقاعده وتركي للعمل الصحفي ، وأدعو الله أن تبقى علاقتنا دائمة .  

وكما هي عادته دوما يصر الدكتور جاسم الياقوت على منح زواره هدايا لا تنسى ، فأهداني نسخة من كتابه المسوم بــــ ( 2000 س ج  رواد الاعلام السعودي ) ، وهو كتاب قيم جاء في 280 صفحة من الحجم الكبير ، ودشنه معالي وزير الثقافة والإعلام ـ السابق ـ الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة ، بالتوقيع على اللوحة التذكارية خلال حضوره لحفل الإعلاميين السنوي الذي أقيم في المنطقة الشرقية بتاريخ  28/3/1432 هـــ  .  

وقبل الحديث عن الكتاب ومحتوياته ، فإن الدكتور جاسم الياقوت من الإعلاميين البارزين  في المملكة العربية السعودية ، استطاع أن يجذب الكثيرين نحوه لا من خلال منصبه بل من خلال عطائه ، ووفائه الدائم للآخرين ، ولهذا جاء  تعيينه نائبًا لرئيس اتحاد الإعلاميين العرب بالإجماع  في ديسمبر 2019 ، واتحاد الإعلاميين العرب هو أحد مؤسسات اتحاد المبدعين العرب ، عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة ، وعضو المكتب التنفيذي الدائم للاتحادات العربية بجامعة الدول العربية .  

وبالعودة للإصدار الذي بين أيدينا نجد أن المؤلف قد أوضح في مقدمته ” أن التطور الهائل الذي حققه الإعلام السعودي خلال الفترة الماضية قفز بنا خطوات عملاقة لتواكب متغيرات العصر من ثورة المعلومات وتقدم تكنولوجيا الاتصال …. ” ، و” أن ما تحقق ليس وليد اليوم وإنماء جاء نتيجة جهود وسلسلة من حلقات شارك فيها الرعيل الأول من الصحفيين والاعلاميين والمثقفين السعوديين الذي نرى أنهم أحق الناس بالتكريم فقد نجحوا على مدى سنوات طويلة بالعرق والجهد والمثابرة في أن يخفروا اسماءهم في تاريخ الصحافة بأحرف من نور وشاركوا بكل اخلاص في بناء هذا الصرح الاعلامي …”   

وفي تقديمه للكتاب قال صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن سلكان بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ مساعد وزير الثقافة والاعلام ـ سابقا ـ ، ” إن الله قيض لهذا الإرث المعلوماتي أناسا نذروا أنفسهم لتوثيق المراحل الأولى من تاريخ الإعلام السعودي ، فقد كان الزميل الدكتور جاسم الياقوت أحد هؤلاء تصدروا لهذا العمل المضنى بالجهد الكبير والسهر الطويل لسنوات ، لكي يوثق لهذه المرحلة بصورة شائقة ، فاق الآخرين في تحقيقها ، وأصبحت سمة من سمات مؤلفاته التاريخية القيمة ”  

وواصل الأمير تركي بن سلطان ـ يرحمه الله ـ في مقدمته قائلا : ” الياقوت طرح في موسوعته ألفي سين وجيم عن بدايات الإعلام السعودي ورواده بأسلوب المعلومة السهلة والسلسة البعيدة عن الحشو والإنشاء وضغط المعلومات التي لم يستسغها القارئ اليوم بل لم يعد يقبل عليها ” . 

ولأن الكتاب حاملا في عنوانه ( موسوعة 2000 س ج )  ، فقد بدأ المؤلف في طرحه أسئلته الأولى والمتمثلة في ” ما أول دراسة وثائقية وصفية تحليلية عن وسائل الاعلام في المملكة العربية السعودية ؟ ، ومتى أصبحت دراسة الدكتور عبدالرحمن الشبيلي مذكرة في تاريخ الإعلام السعودي لطلاب قسم الإعلام ؟ ، ومتى صدرت جريدة أم القرى السعودية ؟ ، ومتى صدرت صحيفة ( الحجاز ) في مكة المكرمة ؟ ، وغيرها من الأسئلة التي يجهل الكثير من العاملين في المجال الإعلامي معرفة إجاباتها .  

وكما طرح الدكتور الياقوت الاسئلة وجاء بإجاباتها ، أورد سيرا مختصرة لراود الأدب والإعلام السعودي ، فعرف بالشيخ محمد بن صالح نصيف أحد رواد الصحافة والثقافة في المملكة ، والذي أصدر جريدة ( بريد الحجاز ) عام 1343 هـ في العهد الهاشمي ، واصدر جريدة ( صوت الحجاز ) عام 1350 هـ  .  

كما قدم الياقوت ترجمة لسيرة علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر الذي أسس اول مطبعة بالرياض عام 1374 هــ واصدر او مطبوعة وهي ( اليمامة ) بالمنطقة الوسطى عام 1372 هـ ، وترجمة للشيخ عبدالله بن خميس أحد رواد الأدب والصحافة والشعر ، وغيرهم من الأعلام البارزة في المجال الإعلامي والأدبي . 

ولم يغفل المؤلف الاستاذ خليل الفزيع الكاتب أحد الأسماء الأدبية الرائدة بالمنطقة الشرقية والذي بدأ حياته العملية  بجريدة اليوم منذ صدورها عام 1384 هــ بوظيفة مصحح .  

وكما أورد الياقوت  سيرا لبعض أعلام الصحافة والأدب أورد سيرا وتراجم لمن تولوا قيادة الإعلام في المملكة كوزراء ومنهم ، الأستاذ / جميل بن إبراهيم الحجيلان ، أول سفير سعودي في الكويت عام 1961 م ، وأول وزير إعلام سعودي عام 1963 م . 

ومعالي الشيخ إبراهيم بن عبدالله العنقري ـ يرحمه الله ـ ، الذي عين وزيرا للإعلام عام 1390 هــ ، وفي عهده أنشئت  وكالة الأنباء السعودية ، وإذاعة القرآن الكريم في كل من مكة المكرمة والرياض .  

وكما تحدث المؤلف عن الوزراء وأورد سير عدد منهم ، تحدث عن قيادات الوزارة ، ومنهم الدكتور عبدالعزيز بن محمد السبيل كأول وكيل لوزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية في المملكة .  

ولم يحصر المؤلف تراجم السير على من تولوا قيادة الإعلام ، فمنح الفنانين  حقهم الأدبي ، وتناول سير بعضهم ومنهم الأستاذ / طارق عبدالحكيم باعتباره مؤسس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ، ومنح المؤلف الصحفيون حقهم ايضا ، موردا سير البعض منهم ، كالأستاذ / عبدالله عمر خياط ، والأستاذ / عبدالله جفري ـ يرحمهم الله ـ وغيرهم .  

وفي المجال التلفزيوني تطرق الدكتور جاسم الياقوت لسير بعض من عملوا بهذا المرفق الإعلام ، فتحدث عن سيرة الاستاذ / سلميان بن محمد العيسى ـ يرحمه الله ـ الذي بدأ حياته الإعلامية محررا صحفيا ، فمعلقا رياضيا ، ثم مذيع سياسي ، وهو صاحب البرنامج المعروف ( مع الناس ) .  

وتناول الحديث عن الجمعية السعودية للإعلام والاتصال ، موردا تاريخ قرار تأسيسها رقم 2109 / أ في 22 / 2 / 1421 هـ ، وأول مجلس إدارة لها .  

ولتأكيد معلوماته قدم المؤلف نماذج للصحف والمجلات التي صدرت ومنها جريدة ( بريد الحجاز ) فبين انها جريدة سياسية يومية تصدر بجدة مرتين ، وصدر  العدد الأول منها بتاريخ 29 /  4 / 1343 هــ ، أما مجلة المنهل فهي مجلة شهرية تعني بالأدب والثقافة وصدر العدد الأول منها في شهر ذو الحجة  1355 هــ .  

وأورد تعريفا لجريدة حراء كجريدة اسبوعية تصدر بمكة المكرة وصدر العدد الأول منها يوم السبت 6 / 5 / 1376 هــ ورئيس تحريرها الشيخ صالح  محمد جمال .  

وعرف مجلة ( الإشعاع ) كمجلة شهرية أدبية اجتماعية تصدر بالخير ، وصدر العدد الأول منها في محرم 1375 هــ ، وصحيفة ( القصيم ) التي صدر العدد الأول منها في 1 / 6 / 1379 هــ .  

وخلاصة القول فإن كتاب ( موسوعة 2000  س ج الإعلام السعودي ) يمثل توثيقا جيدا لنشأة الإعلام السعودي وتطوره .  

وكلمة شكر وتقدير أقدمها للدكتور جاسم الياقوت الذي منحني شرف قراءة كتابه ، وفقه الله دوما .  

للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى