عـدالتنا … ملاك خلف المطيري *

•من الأفضل؟! الآن ومع تزاحم وسائل التطور السريعة والنهوض بالإنسان نحو عصر التقنيات الحديثة (العصر الرقمي) أصبح الجميع يسعى نحو الأفضلية.. نعم الأفضلية.. قد تتساءل الأفضلية في ماذا؟ وكيف أكون الأفضل؟ وماهي معايير الأفضلية؟ وبماذا سأمتاز في حال تحقيقها؟

الأفضلية الآن أصبحت بالسعي نحو تحقيق أجود ما يمكن من أدوات تساهم في الرقي بالإنسان الى أعلى مستويات نطاق خروجه من الصندوق وأعني به هنا (المألوف) نحن لا نريد فقط أن نتوصل للمعلومة لمجرد الحصول عليها.. لا، بل نريدها جاهزة متكاملة أمامه مع فارق زمني أقل، جودة أعلى، إنتاجية أضخم وضمانات كافية، ولن أقول هنا بجه ٍد أقل.. لأنني شخصياً أرى بأن الجهد لا يستقيم بأن يكون قليل او منعدم وبقدره يكون التميز والنجاح، لأنك ربما ستوفر قليلاً من الجهد البدني وهو أمر لا بأس به، ولكن بالطبع لا يجب أن تقلل من جهدك الذهني وعصارة افكارك التي تعد الخلية التي يخرج منها كل ما هو قيّم ونقي وفريد في بناء الموسوعة العلمية، وكلما كانت الفكرة النابعة من نتاج خليتك ناجحة كلما أصبح تداولها عائداً بالفضل والنفع والرفعة لك.

كل تلك المميزات هي الأفضلية.. عندما تحققها فأنت أصبحت تمتلك كل الاستعدادات اللازمة لمواجهة أي ظروف قاسية قد تطرأ دون حسبان بنقيض من لا يمتلكها او قد يمتلكها ولكن بجودة وجاهزية أقل بكثير مما لديك.. ليس ذلك فحسب بل ستكون الأقل خسارة والرابح الأكبر في سلم سباق الحياة العملية، وسيكون خروجك من مدرجات هذا السباق أشبه بالصعب المستحيل لأنك أصبحت الأقوى والأجدر فأدوات الثبات الآن جميعها بين يديك. فقط قم بتوظيفها التوظيف الصحيح ولا تدع لأي هفو ٍة كانت ان تنتزعها منك.

وعلى سبيل ذلك.. نأتي بالأفضلية في تحقيق التميز القضائي لدى قضائنا السعودي مقارنةً بغيره من الأنظمة القضائية، كقانونية أتحدث وبكل فخر واعتزاز عما يسمى بـخدمة التقاضي الإلكتروني والتي أطلقته مؤخراً وزارة العدل متمثلة بوزيرها الدكتور وليد الصمعاني . حيث أصبح هذا التميز على رأس قمة الهرم من خلال مواكبته لمنظومة التحول الرقمي التي تشهدها البلاد في هذه الفترة، مواكبة تمثلت في بناء العديد من الخدمات الحديثة التي تتيح إتمام الإجراءات القضائية إلكترونياً، من أبرزها خدمتي الترافع الإلكتروني والمرافعة عبر الاتصال المرئي.

والسؤال هنا.. ماذا بعد التحول الرقمي؟! هل أصبح تجسيد القضاء العادي في إجراءات رقمية مبسطة وميسرة يدعم بشكل فعال مقتضيات تحقيق العدالة في المجتمع؟

هل كان هذا التحول الرقمي لخدمات التقاضي ُيعد توجهاً مسبقاً لخطة التطوير ومواكبة تغيرات العصر أم يعد فقط مجرد خطة بديلة ومؤقتة لضمان سير إجراءات المحاكم دون تكدس وتعطل بسبب قوة فيروس كورونا القاهرة؟

عندما ذكرت صفة “التميز” في التقاضي لا يعني ذلك أن ما حدث هو مجرد مواكبة للتغيير فحسب، بل امتياز.. امتيا ٌز في سرعة تسيير كافة الإجراءات التي ترتقي بالكوكبة القانونية نحو فضاء العدالة السامية، التي بدورها سعت للتحسين من تجارب العديد من المستفيدين من خدمات التقاضي عن بعد. أيضاً امتيا ٌز في توضيح آلية العمل والتطبيق باحترافية

تامة.

عدالتنا نجحت في بث الندوات التعريفية للقانونيين والمهتمين عن كيفية التعامل الإلكتروني الجديد.. عدالتنا تألقت عبر قنوات التواصل بأن تجيب عن العديد من التساؤلات من خلال منشورات توضيحية تفصيلية وبعبارات مفهومة حتى تتناسب مع غير المختصين في المجال القانوني.

عدالتنا جعلتنا أكثر فخراً واندهاشاً.. حيث أنها لم تكن تنتظر حدوث ما يسمى بـ (كوفيد 19) حتى تقوم بابتكار وبناء مثل هذه الخدمات البديلة كما ظن البعض وإنما كانت من ضمن التوجهات المسبقة لها ملاحقةً منها للتطورات المستقبلية التي بالتأكيد تتطلب المضي قدماً نحو الاستعانة بالتكنولوجيا والتقنية الحديثة في إتمام الأعمال والاستغناء شبه التام عن التعاملات الورقية التقليدية وصب جل الاهتمام والتركيز على جعل دور المحامي أكثر جدارةً وبروزاً.. وسأطلق علية هنا بمسمى (المحامي الإلكتروني) تيمناً بالدور الجديد في سير المهنة، أي المحامي الفذ ذو العقلية المتطورة والمتمكنة والذي يتمتع بمهارة الترافع الكتابي ومهارة إدارة ملف القضية إلكترونياً بكفاءة وفعالية أكبر. الصديق النظامي للتقنية والإعلام الحديث، الذي يتخذه منبراً لنشر العدالة والأخذ بيد المظلوم لنصرته أمام الظالم.

وفي الأخير.. قد يسوء بك ظنك يوماً ما ويأخذك نحو الاستسلام لتعجيزية الفكرة وصعوبة تحقيق أهداف النقلة النوعية نحو النجاح الباهر ونحو التمتع بـ (الأفضلية)، نحو إمكانية وقدرة سلوكك في التكيف السريع وعدم التوقف والانهزام للعقبات المفاجئة، التي ربما تكون هي الجسور التي تعبر من خلالها إلى بر أمان الأفضلية، والتي قد تُظ ِهر لك باباً كان خفياً من خلف ألف ستار لم يكن ليظهر لك. لذلك نقول بأنه أنت أيها الأفضل من يحدد مسار ظنك بـ هل ستكون صامداً ام لا؟! وأنت أيها الأفضل من يقوم بخلق الفرص من أعماق الأزمات ويجعلها نبراساً للصعود بها آلاف الخطوات نحو الأمام.. وأنت وحدك أيها الأفضل من يقرر إجابة السؤال بـ هل أستحق الأفضلية أم لا؟!

*محامية المتدربة

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. بارك الله فيك أخت ملاك طرحتي الفكرة بأسلوب محبوك وسلس
    يحاكي الواقع المأمول ويظهر جانب مشرق لوزارة العدل والتحسين والتطوير الذي تسعى لتحقيقه متماشية مع الرؤيه ٢٠٢٠

زر الذهاب إلى الأعلى