رأي

أمتار وأشبار … مها نصار الدوسري

‏في خضم هذه الحياة ودوامة الانشغال جسديا وفكريا، ينسى أحدنا نفسه، ويشعر أنه أشلاء مبعثرة، تسير معا كطيور مهاجرة، تريد العودة ولكن هيهات، فيتجرع الألم و الندم معا، لأنه أبخس حق نفسه، وجفا  عنها بل و هاجر منها، و عاش دهرا في سبات عن ذاته، فعاد غريبا لا يعرف ماذا يريد؟ هنا فجأة يستيقظ، بعد ما انجرف في سيول الحياة، و تصادم بطين  الأرض، وشرب الوحل، هاهو يغتسل  من أدران الأرض ويكتشف بعد الطهارة، أنه لا مكان له، 

‏إن استنزاف الظروف للإنسان كحراثة الأرض للفلاح، تصنعه وتفك قيوده  وتشق طريقه نحو الحريه، التي من خلالها سينشد ضالته، وينعتق من حدود الوهمية، كل هذا الكلام جميل ولكن الواقع جدا مؤلم وتعيس وقوي، فالمسافة بين الانهزام و الاستسلام وبين صناعة الذات برؤية مبتكرة هي مقدار شعرة!!!، وفي هذه اللحظات المفصليه يزداد جهله بذاته أكثر وأصعب مر ممكن الإنسان يتذوقه  هو جهله بما يريد! وهذا الشعور يدك النفس دكا  ويهز الوجدان هزا، فتتسارع المشاعر متأرجحه، حينها تنطلق الروح في السماء، فكل ما تبحث عنه هو التحليق بعيدا، لقد اكتشفت بعد مخاض الظروف أنها مولود نقي وكونها لا تريد شيئا ليس عيبا ولا نقصا، بل اكتمال في السمو، وعلو في العلو،  لأن امتداد الروح لن تسعه مساحة أمتار وأشبار.              

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى