الشعر والصحافة ينعيان الحربي ومنّاع .. عبدالله غريب *


• قبل أسبوعين بالضبط فقدت المملكة العربية السعودية وتحديدا الساحة الثقافية أحد أبرز أعلام الشعر الفصيح بموت الشاعر أحمد الحربي من جازان ولم يمض الوقت ولم تبرد الكيّة حتى جاء الخبر مدويا بفقد علما من أعلام المملكة الطبيب الأديب الروائي الدكتور عبد الله منّاع عن ثمانية عقود قضاها بين التعليم والعمل والثقافة والأدب تمثل ذلك في العمل طبيب أسنان بعد تخرجه من دراسته طب الأسنان عام 1381هـ من جامعة الإسكندرية حيث استمر قرابة اثني عشر عاما في المستشفى العام بجدة بعدها ترك وزارة الصحة وتفرغ لعيادته وقلمه في مجال الإعلام وبعد عامين وتحديدا عام 1394 هـ ترك مجال الطب ووهب وقته وفكره لمجالات الصحافة والأدب حيث أصدر ثلاثة كتب في أربع سنوات تقريبا في بداية تفرغه للعمل الأدبي بدأها بكتابه ” العالم رحلة ” الذي تضمن رحلاته ثم كتاب ” شيء من الفكر ” وكتاب ” إمبراطور النغم ” وتشرفت باسمه عدد من العضويات من أبرزها عضويته بمؤسسة البلاد للصحافة والنشر وعضويات أخرى في مجالات الثقافة والفنون والإعلام والبحوث والتسويق والنشر والتنمية وله مشاركات في عدد من المؤتمرات الثقافية في الداخل والخارج .

الدكتور عبد الله منّاع صاحب كرزمة متميزة في أسلوب حياته في شخصيته وهيئته وطريقة حديثه لم تنفك عن منشأه ومسقط راسه جدة إبن حارة البحر التي وهب نفسه لثقافتها والحياة في أحضانها والعزف على أوتار تراثها الثقافي والإعلامي من خلال كتاباته التي تشكلت منها مقالاته ومشاركاته الصحفية وهو مراسلا وكاتبا محررا في جريدة الرائد الأسبوعية أثناء عمله بالمستشفى وبعد أن طغت عليه فكرة الصحافة والكتابة والأدب وتفرغ لها أصبح قلما سيّالا في صحف عدة بدأها بالبلاد ثم المدينة وعكاظ ومجلة اقرأ سنة تفرغه للصحافة حيث كلف بتشكيل جهازها وكان وقتها رئيسا لتحريرها وكان علامة فارقة في تنقلاته بين المطبوعات الإعلامية التي شهدت عناوين بارزة لمقالاته التي كانت ومازالت مرجعا للباحثين استشهادا بها وبمحاضرات ألقاها في أندية أدبية وعدد من الجامعات والمؤسسات الثقافية داخل جدة وخارجها وكان من محبي الشقيقة مصر التي تلقى فيها تعليمه الجامعي بعد الابتعاث لدراسة طب حتى عاد للمملكة وتفرغ بعد تركه وزارة الصحة قبل ما يقترب من نصف قرن من الزمان .

الدكتور عبد الله منّاع الطبيب الروائي القاص الرحال الكاتب الصحفي المراسل المؤلف صاحب الخلق الجميل بحسب جلسائه من أعلام الصحافة والأدب التقيت به في الرياض ذات مرة في وسط جمع من المثقفين وتعرفت عليه وقتها إذ كان له حضوره في الحديث والنقاش الهادئ المتزن يصغي كثيرا ويتكلم بدراية وبأسلوب لغوي نتفرد ممتع يجمع بين الفصاحة وقيد الحجاز في أسلوب التحدث حتى تكاد لا تمل من حديثه والفقيد له أصدقاء كثر يجتمع بهم ويجالسه الكثير من أرباب القلم من الكتّاب في الصحف يستفيدون من عمق فكره وتفكيره وتجربته وثقافته حول كثير من الموضوعات السياسية والاقتصادية والإعلامية سواء ما كان منها على الساحة أو ما كان عن خلفيته الثقافية التي زادت عن ستة عقود في مجالات الرأي والحوارات والمشاركات والمتابعات التي استحوذت على يومياته .

شاهدت له بعض أهم اللقاءات ربما أنها موجودة على اليوتيوب لمن يريد الرجوع لها كان من أبرزها لقاء أجراه الزميل الصديق الإعلامي سعد زهير في قناة الثقافية السعودية عن كتابه “جدة تاريخ ” ولقاء أجراه الإعلامي محمد الخميس في برنامجه المميز ” وينك ” شاهدت له حديثا مصورا عن ذكرياته عن جدة وبالتأكيد فإنه كان صريحا في حديثه وجريئا لأنه كان يتحدث بشفافيته المعهودة وصدقه الذي لا يقبل المجاملة .

رحم الله الفقيدين الشاعر أحمد الحربي والدكتور عبد الله منّاع وعوض الساحة الثقافية والإعلامية بفقدهما خيرا وأتمنى من نادي جدة الأدبي بالذات إحياء ندوة تأبين للدكتور المناع بمشاركة عدد من أصدقائه في هذه المجالات التي قضى فيها عشرات السنين من عمره وهو يبدع فيها بحسب ما يكتب ويتحدث ويعمل كمسؤول حمل على عاتقه المشاركة في أكثر من موقع في خدمة الكلمة الصادقة والرأي الصريح الحصيف .


*كاتب صحفي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى