رأي

حبيبة تخصُّص أدباء …عدنان فرزات

 

 

 

 

 

• في عهد الخيبات العاطفية الإلكترونية، أقصى ما يفعله المحب هو إغلاق صفحته!

 

الخيبات العاطفية هي المرادف العصري في عصر مواقع التواصل الاجتماعي لعبارة «الصدمات العاطفية» في زمن الرومانسية وأفلامها، التي كان المشاهد يجلس أمام الفيلم وبجانبه منديل من القماش، قبل توافر المناديل الورقية، ليجفف ما ينهمر منه من دموع صادقة يسكبها، وهو يشاهد كيف يحزم الحبيب حقيبته ويقرر السفر، لأنه لم يحظَ بحبيبته، وبالتأكيد لو كان الحبيب سورياً، لما احتاج إلى حقيبة، لأنه لا يستطيع السفر إلى أي بلد إلا عن طريق قوارب الهجرة غير الشرعية، فما حاجته إلى الحقيبة؟!

 

أعود إلى موضوع الخيبات، على مواقع التواصل الاجتماعي، فمنذ أيام حصل موقف لصديق كاتب من إحدى الدول العربية، كان طوال حياته يكتب عن الحب، ويحلم بعلاقة عاطفية تحفز قريحته على الكتابة، وجاءته الفرصة عبر موقع للتواصل الاجتماعي، من خلال صفحة فتاة بدأت بالتودد إليه حتى سالت أصابع صاحبنا، وهو يكتب على «الكيبورد» عبارات لم يكتبها حتى في إبداعاته الورقية. وأصبح يجود ويتألق، فانتبه إليه صديق له شاعر وفضولي في الوقت نفسه، فما تركه إلا بعد أن عرف منه قصة حبه، ولكن المفاجأة التي جعلت الصديق الشاعر يطلق ضحكة اهتزت لها أركان مارك مبتكر الفيسبوك، هي أن هذه الفتاة هي نفسها من باحت قبل ذلك بحبها لهذا الشاعر، الذي سبق أن اكتشف بدوره أنها «ألهمت وألهبت» أدباء ومبدعين آخرين قبله بالطريقة نفسها، وفي هذه اللحظة انهار صديقنا الأول الكاتب، وقرر إغلاق صفحته.

 

ونلاحظ الفرق بين الخيبة والصدمة هنا، فالصدمة في زمن الرومانسية كانت تؤدي بالمحب الوله إما إلى الرحيل، في حال لم يكن سورياً طبعاً للأسباب التي ذكرتها، واما قد يصل الأمر به الى الانتحار أو الجنون، كما في قصص الحب المشهورة، أما في عهد الخيبات العاطفية الإلكترونية، فأقصى ما يفعله المحب هو إغلاق صفحته، او أن يمتنع عن وضع «اللايكات» على «بوستات» من كان يحبها.

 

ومن أطرف الخيبات العاطفية، تلك التي يفاجأ فيها الرجل المحب بعبارة «أنت مثل أخي» من قبل الفتاة التي كان «ينتف» أوراق وردة، وهو يردد «تحبني.. ما تحبني»، فأذكر أنه في الثمانينات انتشرت قصيدة عامية لشاعر عراقي واجه هذا الموقف، فكتب قصيدة طريفة ومؤثرة جدّاً يخاطب فيها حبيبته هكذا: «يول تقولين خيّك؟ ألف لعنة تنزل على خيّك».

 

القبس

 

Facebook: Adnan Farzat

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى