رأي

غيابنا عن تأسيس نظام إدارة الابتكار العالمي … زهير ياسين آل طه

• (آيزو /‏ تي سي 279 ISO /‏ TC) هو نظام جديد لإدارة الابتكار تحت التأسيس والإشراف العالمي حاليا منذ بدأ في عام 2013، ويقوده ويمثله أعضاء وخبراء من المنظمة العالمية الآيزو ومؤسسات وهيئات معيارية وقياسية دولية كشرط مطلوب للتمثيل بشقين، إما مشاركين أو مراقبين فاحصين، تم انضمامهم من دول مختلفة من العالم والمناطق الاستراتيجية عدا قلة، والمستغرب عدم تواجدهم الذي سنأتي لذكرهم لاحقا. ومن يطلع على موقع المنظمة العالمية الآيزو في الانترنت، يمكنه معرفة الكثير عما يدور حول النظام الجديد من خطط ودراسات، وما يحويه من تنظيمات تتمحور في أربع مجموعات عمل لهيكلة النظام، وخمس لجان اتصال، ومن قائمة مفهرسة لسبعة معايير مكملة لبعضها ومرتبطة بالنظام وشاملة لمقتضيات الترتيب الذي يحتاجه حسب رؤية وخبرة الأعضاء والمنظمة، وفيه أيضا رصد للمراحل التي وصلت إليها كل من تلك المعايير السبعة التي تتضمن: إدارة الأفكار، الأساسيات والمفردات، استرشاد وتوجيه نظام إدارة الابتكار، توجيه التقييم، أدوات وطرق الشراكة في الابتكار وتوجيهها، إدارة استراتيجية الذكاء، إدارة الملكية الفكرية.

المرور على دول الأعضاء المشاركين والموضحة أيضا في الخارطة البيانية للقارات الموثقة في موقع المنظمة الآيزو، يظهر تواجد ثلاث دول عربية فقط ممثلة بمؤسساتها وهيئاتها المعيارية مسجلة في فريق خبراء تأسيس النظام وهي: الإمارات العربية المتحدة كعضو مراقب وفاحص، ومصر والمغرب وكلاهما عضوان مشاركان في الدراسة والتأسيس، في إشارة واضحة على ضعف مشاركة الدول العربية في الشرق الأوسط وأفريقيا.

أما التنويه كما أشرنا مسبقا من غياب مستغرب في التمثيل بشقيه لعدد من الدول في الشرق الأوسط وأستراليا، يضع المهتمين بالابتكار في حالة استفهام كون تلك الدول تقع في مناطق استراتيجية ومهمة، وقد تطرح تساؤلات كثيرة لأجوبة محتملة، إما لعدم معرفتهم ومرورهم به أو لعدم قناعتهم أو عدم تفاعلهم مع هكذا نظام بدأ منذ زمن ليس بالقريب ولا يزال يتبلور وبانتظار خروجه للاسترشاد به ولتطبيقه.

قد يكون هناك قصور إدراك لأهمية الموضوع وبطء في اتخاذ قرار المشاركة من البعض، أو أن مؤسسات تلك الدول مرتبطة بالتزامات خاصة وتعتمد إجمالا على معاييرها المحلية في قيادة أعمالها الابتكارية والجودة، أو أن نظرتهم له غير مهمة كونه نظاما استرشاديا توجيهيا – كما يتضح نوعا ما من الموقع وكما علمت بالتواصل شخصيا مع قياديين وأعضاء في التأسيس – بحيث لا يعني الكثير لهم ولا الالتزام به خاصة في الإصدار الأول إلى حين يتم إعادة التقييم بعد خمس سنوات للإصدار الثاني، والذي قد يتم فيه الانتقال من الاسترشاد إلى التوثيق الاختياري أو شبه الإلزامي كمعيار يدعم ويكمل المعايير الأخرى كالجودة والاستدامة وسلسلة الإمداد ويرتبط من جهة أخرى بمتطلبات العولمة الاقتصادية والتجارة الحرة العالمية.

ولنكون منصفين ومنطقيين في تقييمنا، بحيث لا نتهم جزافا المؤسسات والهيئات المعيارية بالمسؤولية الكاملة ونضع اللوم عليها إما بسبب سوء أو فقدان التواصل والاتصال مع المنظمة العالمية من كل الأطراف، والذي يسببه أحيانا ضياع وتشتت المسؤولية والمخاطبات نتيجة إعادة التنظيم والتدوير الإداري هنا وهناك وخروج ورحيل القياديين والمشرفين المعنيين في الاتصال والتواصل، بل اللوم وجزء منه قد يقع أيضا على عاتق المنشآت الإنتاجية الصناعية والنفطية والبتروكيماوية والطاقة الكبرى ممثلة في إداراتها للجودة (TQM) في التواصل والتطوير المستمر وعرض النصيحة للمؤسسات المعيارية المعتبرة في دولها، لأنهم رقابيا وتخصصا دقيقا المعنيون لتطوير المعايير وتوظيفها لصالح التكامل العملي في الجودة وسلامة التشغيل وكل توابعهما، ومسؤوليتهم أيضا في توثيق سياسات منشآتهم الشمولية التكاملية المعلنة عالميا للمساعدة بالظفر لزيادة التنافسية التسويقية والربحية والاستدامة العملية مع متغيرات تكلفة الطاقة واللقيم، وبفرص استثمارية اقتصادية توسعية أكبر واستحواذات أكثر، وتحصيل مراكز تقييم ومنافسة عالمية في تصنيفات عدة مؤثرة على نموها وبقائها واستقرارها، كالابتكار وبراءات الاختراع وتنمية الموارد البشرية والجودة والمسؤولية الاجتماعية المرتبطة بالتنمية والابتكار الاجتماعي والاستدامة البيئية تحديدا كمطلب عالمي ومحلي إلزامي في كفاءة استهلاك الطاقة والمياه والمواد، والحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين «النوكس NOx» نحو تقليل مستوى الاحتباس الحراري.

المتابع والمشارك في مشاريع التأسيس للتنظيمات والقوانين والمعايير يعي معنى الفرق بين التطبيق التبعي من غير مساهمة وبين التطبيق التطويري المبني على المشاركة، كون الأول التبعي ينتهي بالموافقة ويصعب فهمه أحيانا وإدراك المغزى من بعض تصميم بنوده بعد الإصدار، بخلاف الآخر الذي يستند على مساهمة ومشاركة دراسية وتحليلية وفحص ومراقبة توثيقية مما يسهل فهمه واحتواءه ونشره وشرحه. والشيء بالشيء يذكر حين يتكرر لنفس الموضوع بما خص سابقا تأسيس أنظمة إدارة الاستدامة المعني بالبيئة الذي صدر عام 2012 على الرغم من أنه تطوعي اختياري واسترشادي توجيهي، فقد تطرقت ودعوت المجتمع في مقالات سابقة في عام 2010 للمشاركة في صياغة النظام ومعاييره كي لا نصبح تابعين معتمدين، ولا أعتقد حسب علمي أن هناك من سمع واستجاب وشارك.

الوقت لا يزال سانحا وملائما لمشاركة المملكة العربية السعودية مع فريق الخبراء العالمي حتى خروع الإصدار الأول لتأسيس النظام المتوقع عام 2019، للمساهمة في مراجعة وفهم ما تم سابقا وصياغة ما تبقى لأهميته من الناحية الاستراتيجية التنموية والتشغيلية لكثير من القطاعات الحيوية، ودفعه للمهتمين والقياديين لاستغلال مجال التواصل مع الخبرات العاملة فيه لدعم رؤية 2030 والتحول الوطني 2020 وبرنامج جودة الحياة 2020، وقد تم بالفعل الاتصال المباشر ومخاطبة قيادي المنظمة العالمية لهذا النظام بداية 2018 كمحاولة فردية تطوعية خبراتية، وهو ما لم تستجب له المنظمة إلا إذا كان من هيئة حكومية معتبرة أو تنظيم معياري معتبر في الدولة، كما أشار الرد الموجه من مسؤول المنظمة وتأكيده ونصحه بمشاركة السعودية الغائبة حتى كتابة هذا المقال من خلال الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة SASO، على أمل أن تعجل الهيئة بالتنفيذ السريع الذي وعدت به مشكورة بعد الاتصال بها ومخاطبتها وترحيبها في ردها البريدي.

مكة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى