رأي

لماذا أكتب؟ … ماجدة محمد

 

” أكثر ما رغبت بفعله طوال عشرة الأعوام الماضية هو أن أجعل من الكتابة السياسية (فنًا)، نقطة انطلاقي هي دائمًا شعورٌ من الحزبية والحس بالظلم.
عندما أجلس لكتابة كتاب لا أقول لنفسي (سوف أنتج عملاً فنيًا). أكتبه؛ لأن هناك كذبة ما أريد فضحها، حقيقة ما أريد إلقاء الضوء عليها، وهمي الأول أن أحصل على من يستمع ، لكن ليس بإمكاني القيام بمهمة تأليف كتاب أو حتى مقالة طويلة لمجلة لو لم تكن أيضًا تجربة جمالية ”

هكذا قالها الكاتب القدير جورج أورويل المتوفى عام 1950 م ؛ في كتابه الشهير ” لماذا أكتب”؟ والذي حوى مجموعة من مقالاته الأدبية ومقدمة “برنارد كريك” النقدية حول فلسفته الكتابية ومقاطعه الاستطرادية (الجدهازلة) ومواضيع أخرى تتحدث عن توجهاته الفنية والسياسية في عصره.

عندما تصفحت كتابه لأول مرة تمعنت في عنوان الكتاب !
أيجب كوني “كاتبة ” أن أسأل ذاتي (لماذا أكتب؟).

و بالرغم من صعوبة بعض مقالاته العصية على الفهم أحيانًا ،كونه كاتبًا من العصور الوسطى توجّب عليّ أن أعيد قراءتها بين الفينة و الأخرى لأستوعب أحداثها، إلا انني التمست في معظم كتاباته – التي تعتبر مبهمة نوعًا ما – احساسه بالأخرين وخاصةً تجاه الطبقة الكادحة، بل استطعت أن أقرأ أفكاره بصوتٍ عالٍ وكأنني أشاهد فيلمًا سينمائيًا ، وددت أن أترجم مشاعره في كل سطر من حياته المعقدة لأبعثها إليه لو كان حيًا..!

لماذا أكتب!
سؤال لطالما راودني في كثير من محطاتي الحياتية، أكانت تجربتي التي تبعثني على الكتابة تستحق النشر!

أم كان علي أن أكتب حتى أتواصل مع ذاتي التي لا أستطيع أن أفهمها أحيانًا كونها عانت في بعض محطاتها مما أكسبها فرصة لاستيعاب ما حدث، لتختزلني عاطفيًا بعد برهة من الزمن ، ثم تبحث عن مثير يُشابهها ألمًا وحزنًا كي أنظمها شعرًا أو نثرًا لتصل إلى القارئ المتذوق للفن الأدبي – صاحب الحس العالي – كي يستمع إلى تجربتي التي فقدت صوتها في يوم ما فلم تتمكن البوح وكأن هناك من أوقفها في الداخل ، فبهتت ملامحها واختفت من الوجود فجأةً.

أم أننا نكتب كي نحافظ على قوة أفكارنا من الشيخوخة أم لنستمر على جمال التركيز والذي يرقى بنا حسًا ليجعلنا نسير في خطٍّ متوازي مع الأخرين لنفهمهم ويفهموننا أم الكتابة للبعض منا وسيلة للتفريغ فحسب!

أنكتب لأن نتحرر أم ليُقيدنا الأخرون بما نكتبه؛ بالرغم أن في بعض الأحايين نكون متناقضين لسبب من الأسباب والظروف كثيرة، بل متغيرة على الدوام!

مهما كانت تجربتك عليك أن تكتب، حتى لو لم تكن لكتاباتك أي لمسة جمالية، اكتب فحسب؛ حتى لو لم يقرأه غيرك، فأنت أولى من يقروؤُهُ، وأولى من يعتبر به، لكونك صانع اللحظة والواقع أنت من يرسمه من أجل تطلعاتك القادمة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى