رأي

الاكتئاب … بين المعنى والتصنيف … أبتسام فهد الحيان *

•إن هبوط الروح المعنوية ونمطية العادات الثابتة ،إضافة إلى مزيج من انخفاض تقدير الذات ورمادية الواقع الفكري للإنسان؛هو ما يسيّر الفرد بخطوات بطيئة جدا إلى بوابة الاضطرابات النفسية .
ما أثار حفيظة فكري هو اللبس الملتوي لمفهوم الإكتئاب الذي تعلق بحباله كثير من الناس ،وهم في عامة الأمر أسوياء جدا حيث يقومون بممارسة كافة أنشطتهم الحياتية الأسرية ،المهنية ،الزوجية …إلخ ،إلا أنهم يعانون من تدني مستوى المزاج ولذلك أسباب عديدة مثل المشكلات الطارئة المختلفة وعدم مواجهتها ،أو عدم إدراكهم لمفهوم اليوم الجديد.
وأود أن أشعل شموع المعرفة حول مفهوم الاكتئاب بأنه حالة من التراجع المعنوي والاحتباس الذهني في خندق أسود يشعر الإنسان فيه بحالة من الكرب الشديد والحزن الملازم حتى لا يكاد يرى للحياة شمس مشرقة بل عتمة دائمة .
فيعجز عن أداء المهام الوظيفية بتنوع مساراتها وغالباما يكن بعزلة تامة ولا يفضل الاجتماع بالآخرين ،إذا كان من فئة الاكتئاب الشديد ،وحيث إن اطلاق المسمى للفرد كمصاب بهذا العرض يجب أن يخضع لمقاييس مقننة من قبل الاخصائي النفسي لتحديد وجود الاضطراب أم نفيه.
ولا حصانة لأحد من فئات المجتمع طبقية أو عمرية فالاضطرابات النفسية قد تصيب أي فرد شأنها في ذلك شأن الاضطرابات الجسدية ،لذا نحن بحاجة إلى اجتياز الحاجز الثقافي المجتمعي لمفهوم المرض النفسي.
وبالطبع هناك رواسب مسبّبة لوجود هذا الانطواء المفاجئ على سبيل الذكر لا الحصر :
١/الخبرات القاسية والكوارث الأليمة التي حدثت في حياة الإنسان ولم يستطع تجاوزها.
٢/التنشئة الأسرية الخاطئة بشقيها الإهمال أو الحرمان.
٣/الصدمات العاطفية والإخفاقات النفسية.
٤/ جلد الذات الدائم وتضخيم الأخطاء البشرية وعدم الاستفادة من مكمن الخلل بل تعميم التجربة بالحظ السيء ورفع الراية بها .
٥/عدم التطابق بين الذات الواقعية والذات المثالية .
٦/الصراعات الداخلية ( الاقدام &الأحجام ) بين ما تود وما تخشى .
٧/الكبت الانفعالي والعدوان الداخلي تجاه الذات مالم يتم تطهيره مسبقًا -لذا ننوه على أهمية تفريغ الانفعالات – بشكل مستمر .
٨/صراع الأجيال وتداخل الثقافات ومدنية الحياة الرقمية ،إن كان الفرد بمعزل عن التناغم والاندماج فسيكون فريسة للرتابة الحركية والزمانية بل وأسيرا للبؤس والأسى.
عادةً ما يغلب على الشخص المكئتب شرود الذهن ،شحوب الوجه ،فقدان الشهية ،انعدام الرغبة في الحياة ،الحزن المستدام بلا سبب يدركه واخيرا التشاؤم المفرط للغد .
ويتدرج المريض لعدة من المراحل العلاجية بمتابعة من الاخصائي النفسي وذلك بما يلي :
أ/ العلاج التدعيمي (النفسي ) : بمثابة المواساة للمريض عن طريق تداعي الأفكار والاستماع له للتعبير عما يشعر به ومن ثم إعادة الثقة بالنفس عن طريق إزالة عوامل التوتر والاستبصار الذاتي بما لديه من ملكات وابرازها وإعادة هيكلتها كنوع من إزاحة اللثام عن الجوهر الداخلي .
ب/ العلاج البيئي : يتضمن توفير بيئة صحية خالية من أجواء الضغوط قدر الإمكان وإغلاق منافذ الاخبار والمواقف السيئة.
ج/ العلاج بالعمل : كنوع من صرف النشاط الذهني إلى زاوية مختلفة واستدعاء الهوايات الغائبة .
د/ العلاج الترفيهي : عن طريق إشاعة روح المرح ودمج الفرد في نشاطات مختلفة والاستجابة لدعاة الفرح وسفراء السعادة الذين يبعثهم الله في الوقت المناسب .
ه‍/العلاج الدوائي : عن طريق تناول المريض للدواء الطبي وذلك تحت موافقة الطبيب النفسي .
ونحن كمسلمين نقف تحت مظلة إيمانية رائدة تمنهج حياتنا كعلاج وقائي لعديد من الاضطرابات التي تعترينا يتعمد ذلك بحسب قوى الوصال الروحي بين العبد وخالقه الذي من خلاله يتحقق الاستقرار النفسي المنشود .

fahad.ebt@hotmail.com*

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى